الطريق إلى الرياض

القسم الأول

معركة الصريف

اتسمت العلاقة بين الشيخ مبارك الصباح والأمير محمد بن رشيد بالفتور والتوتر في بعض الأوقات، وقد أسهم في زيادة التوتر بينهما وجود الإمام عبدالرحمن وأسرته في (الكويت) إضافةً إلى من جلا إلى (الكويت) من أمراء (بريدة) و(عنيزة) وقد جلاهم ابن رشيد منها بعد معركة (المليداء) سنة ١٣٠٨هـ/١٨٩١م، وكان ابن رشيد من جهته يستضيف يوسف الإبراهيم خصم مبارك. وكادت تقوم الحرب بين الطرفين لولا أن المنية عاجلت الأمير محمد بن رشيد في رجب ١٣١٥هـ/١٨٩٧م(٣٩).

بعد وفاة الأمير محمد انتقلت إمارة (حائل) إلى ابن أخيه الأمير عبدالعزيز بن متعب الرشيد الذي بادر منذ توليه الإمارة إلى تصعيد الخلاف بين (حائل) و(الكويت). وكان الإمام عبدالرحمن على صلة بالموالين له في (نجد) الذين كانوا يراسلونه في أثناء وجوده في (الكويت) يشكون له ظلم الأمير عبدالعزيز بن رشيد، ويحثونه على العودة، ففي شهر ربيع الآخر ١٣١٨هـ/أغسطس ١٩٠٠م تلقى الإمام عبدالرحمن رسالةً من أنصاره في (نجد) يعبرون فيها عن استعدادهم لمساندته في تحركاته داخل (نجد)(٤٠).

نتيجةً لذلك خرج الإمام عبدالرحمن فواجه بعض القبائل الموالية لابن رشيد في (روضة سدير)(٤١)، وفي أثناء ذلك قام الشيخ مبارك بتجهيز حملة ضد ابن رشيد، وأرسل رسولاً إلى الإمام عبدالرحمن عندما عاد من حملته على (نجد)، وطلب منه التريث خارج (الكويت)(٤٢) للمشاركة معه.

خرج الشيخ مبارك مع حلفائه واستقبل الإمام عبدالرحمن في موقعه خارج (الكويت) وتوجه بالجميع لمحاربة ابن رشيد(٤٣) وذلك في شوال سنة ١٣١٨هـ/فبراير ١٩٠١م(٤٤) باتجاه (حفر الباطن)، ثم اجتازوا (الصمان)، ثم (الدهناء)، حتى نزلوا على غدير (الشوكي)؛ وهناك انفرد عبدالعزيز بقوة زحف بها نحو (الرياض) بينما واصل والده الإمام عبدالرحمن سيره مع الشيخ مبارك(٤٥).

والتقى الجيشان بين موضعيْ (الطرفية) و(الصريف)(٤٦) بـ(القصيم) في ٢٦ ذي القعدة ١٣١٨هـ/١٧ شباط (مارس) ١٩٠١م(٤٧)، والتحمت بينهما المعركة طوال نهار ذلك اليوم(٤٨)، وبعد قتال عنيف انتهى بهزيمة مبارك هزيمةً ساحقةً لم تكن متوقعة بالرغم من الفارق الكبير بين الجيشين في العدد وفي التجهيزات التي كانت ترجح كفته.