الطريق إلى الرياض

القسم الثالث

الكنهري (درب)

درب من الدروب التي تسلكها القوافل - في أزمنة مضت - من ميناء (عَيْنَين) الواقع على ساحل الخليج العربي - الجُبَيْل حالياً - إلى وسط  (نجد) وما والاه، مرورًا بـ(الصُّمّان ) و(الدَّهْناء).

وهذا الدرب يتوسط الطرق التي يسلكها المسافرون على ظهور الإبل من شرق الجزيرة إلى غربها عبر (الصمان) (والدهناء).

ومن الأماكن التي يمر بها دحل (أبو حَرْملة) الواقع على خط العرض  ١١ً ٢٩َ ٢٦ْ  وخط الطول ٣٢ً ٣٥َ ٤٧ْ ، حيث يتزود منه عابرو هذا الطريق بالماء، لأنه لا موارد أمامهم غيره إلا أن يعرجوا على أحد الدحول القريبة من مسار الطريق وهي كثيرة، وإذا صدروا منه يمرون برمل  (حُزْوى) وحزوى من الأماكن المشهورة، وقد أكثروا من ذكرها في الشعر العربي، قال عنها ياقوت الحموي: «(حُزْوى) بضم أوله وتسكين ثانيه، مقصور، موضع بنجد في ديار تميم. وقال الأزهري: حبل من حبال (الدهناء)(٢٦٧) مررت به، وقال محمد بن إدريس بن أبي حفصة: حزوى باليمامة، وهي نخل بحذاء قرية بني سدوس. وقال في موضع آخر: حزوى من رمال الدهناء، وأنشد لذي الرُّمَّة:

 

خلِيلَيَّ عُوجا من صدور الرواحل

بجمهور حُزوى فابكيا في المنازل

 

وقال أعرابي:

 

لئن طُلْنَ أيَّامٌ بحزوى لقد أتت

عليَّ ليالٍ بالعقيق قصارُ

وقال أعرابي آخر:

 

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

بجمهور حُزوى حيث ربتني أهـلي؟

لصوت شمال زَعْزَعَتْ بعد هجعة 

آلاءً وأسباطاً وأرطى من الحثل

أحب إلينا من صياح دجاجة

وديك وصوت الريح في سعف النخل»(٢٦٨)

 

عرَّف أهل اللغة الجمهور بأنه الرملة المجتمعة المشرفة على ما حولها، وهذا التعريف ينطبق على رملة (حزوى) إذ إنها تشرف على ما حولها من أرض (الصمان)، وهي ترى من بُعد لارتفاع جزء منها يسميه المتأخرون (زبارة حزوى).

وقد ذكر صاحب لسان العرب حزوى في مادة (حَزَا) بقوله: «وحزوى بالضم اسم عُجْمَةٍ من عُجَمِ (الدهناء)، وهي جمهور عظيم يَعْلو تلك  الجماهير... والنسبة إليها حُزَويٌّ، وقال ذو الرُّمة:

 

حُزَاوِيةٌ أو عَوْهَجٌ مَعْقِليَّةٌ

ترود بأعطاف الرِّمال الحَزَاور»(٢٦٩)

قوله حزاوية نسبة إلى حزوى، وقوله مَعْقلية نسبة إلى (مَعْقُلاَء) الواقعة شمالاً من (حزوى) غير بعيد، وقد أصبحت الآن بلدة عامرة، ولقرب رملة حزوة من (الدهناء) عدّوها من عُجَم (الدهناء)، والواقع أنها جمهور من الرمل منحاز عن (الدهناء) شرقًا يفصل بينهما أرض حجرية من أرض (الصمان)، ويبدو أن تحديدهم لها مأخوذ من مدلول أبيات الشعر، وقد قيل: ليس من رأى كمن سمع.

بعد أن يجتاز من يريد (حفر العتك) رملة حزوى يصل إلى أجارع من الرمل تاركًا بلدتيْ (حُزْوى) و(شَوْيَة) ذات اليمين، وهذه الأجارع تسمى الآن (العُوَيْذريَّات) لكثرة شجيرات العاذر فيها، ثم يدخل حبال (الدهناء) وهي عروق من الرمل يفصل بين كل عرق وآخر أرض مستوية يطلق عليها قديمًا صَرِيمة، وتسمى الآن خَب أو خبة؛ وهذه العروق من الرمل تسمى على التوالي من الشرق إلى الغرب:

١ - عِرْق جُهَيَّم

٢ - عرق جَهَام.

٣ - عرق الرُّويكب.

٤ - عرق عمر.

٥ - عرق الحمراني.

٦ - عرق الشَّاوِيَّة.

ويستدل المسافرون على مسار هذا الطريق بزبائر من الرمال على يمين الطريق ويساره أشهرها: (البليدة)، و(وُدّ)، و(الطُّوَيْسَة)، و(الشاوية)، وبعد اجتيازهم لرمال (الدهناء) يردون (حفر العتك).