الطريق إلى الرياض

القسم الثالث

نطاع

بلدة عامرة من أقدم قرى وادي (الستار) - وادي المياه حالياً - تقع شمالاً من مدينة (الصَّرَّار) على بعد خمسة وعشرين كيلاً.

وأشهر بئر في (نطاع) واقعة في وسط نخل يروى منها، وهي الآن بئر عامرة واسعة غزيرة الماء قريبة المنزع مطوية بالحجارة المهذبة واقعة على خط العرض ٠٢ً ١٣َ ٢٧ْ وخط الطول ١٠ً ٢٥َ ٤٨ْ.

وكانت بلدة (نطاع) هي المركز لما حولها من القرى قبل قيام مدينة (الصرار)، ولذا أقام الملك عبدالعزيز فيها أحد القصور التي شيدها إبان توحيده المملكة، وهو قصر واسع ذو أبراج دائرية الشكل يقع على الجانب الغربي للطريق المزفت، في حين تقع بئر نطاع مقابلة له شرقي الطريق.

ولقدم (نطاع) وشهرتها أكثر أصحاب معاجم البلدان من ذكرها، قال عنها ياقوت الحموي: «... قال أبو منصور: ونطاع على وزن قطام ماؤه في بلاد بني تميم وقد وردتها، ويقال: شربت إبلنا من ماء نطاع، وهي ركية عذبة الماء غزيرته، وكانت به وقعة بين بني سعد بن تميم وهوذة بن علي الحنفي، أخذت بنو تميم فيها لطائم كسرى التي أجارها هوذة بن علي الوارد من عند باذان والي كسرى على اليمن، فكان بعدها يوم الصفقة.... وقال الحفصي: نطاع، بكسر النون، وادٍ ونخيل لبني مالك بن سعد بين البحرين والبصرة»(٢٧٣).

وذكر صاحب كتاب "بلاد العرب" أن في (وادي الستار) أكثر من مئة قرية لأفناء سعد ولامرئ القيس بن زيد، وعَدَّ منها (نطاع) (٢٧٤). وفي "معجم المنطقة الشرقية" أطال حمد الجاسر الكلام على (نطاع)  حيث أورد كثيرًا من النصوص التي ورد فيها ذكر لـ(نطاع)  وما جرى فيها من وقائع، وأن لها ذكرًا في حوادث الدولة السعودية الأولى في أول القرن الثالث عشر الهجري موردًا ملخصًا لما أورده ابن غنام في (تاريخه)، ومفاده: "ثم ارتحل سعود من الأحساء وقصد قرية نطاع، ماء في الطَّف وأقام فيها نحو شهر... ونطاع محاطة بسور طيني يرتفع إلى اثني عشر قدمًا وسمكه يبلغ من قدمين إلى ثلاثة أقدام، وفيه بروزات صغيرة وله بوابتان، ويلحظ أن هذا الكلام على نطاع كان قبل نحو ستين عامًا، أما الآن فقد تغير وضع القرية وما حولها، أما وضع (نطاع) عندما وحد الملك عبدالعزيز  - رحمه الله -  أرجاء المملكة، فقد أورد الشيخ حمد ما ذكره مقبل الذكير في "تاريخه" حيث قال: "نطاع قرية قديمة مشهورة بالتاريخ ذكرها ياقوت في "المعجم" ولكنها في الزمن الأخير ليس فيها من السكن إلا القليل من البادية وفيها بعض نخيل عامرة... بنى فيها جلالة الملك قصرًا طوله أربعمئة ذراع، وعرضه ثلاثمئة، ووضع فيه حامية قدر سبعين نفرًا عليهم أمير، وقد زرته بعد أن كمل بنيانه في شهر رجب سنة ١٣٤٩هـ" (٢٧6).

هذه حال قرية (نطاع) في أزمنة مضت، أما الآن فقد امتدت إليها يد العمران فشملها ما شمل القرى الأخرى في هذا العهد الزاهر، وستحافظ على مكانتها التاريخية إن شاء الله.